الحثُّ على الوُدِّ والتَّراحمُ بَيْنَ المُسْلِمين
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ( قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (( إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ. أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي؟ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي )).
( م ) صحيح
كما أنّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) يدعو إلى التراحم والتعاطف النابعين عن الود والحب ، ويقول :
« مثل المؤمنين في توادّهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه شيء تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى » .
كلّ ذلك يدل على أنّ الودّ والبغض ليس على النسق الذي وصفه السائل ، ولذلك نرى الدعوة الكثيرة إلى الحب في اللّه والبغض في اللّه.
قال الإمام الصادق ( عليه السّلام ) : « من أوثق عرى الإيمان أن تحب في اللّه وتبغض في اللّه » .
وقد كتب الإمام علي ( عليه السّلام ) إلى عامله في مصر مالك الأشتر رسالة قال فيها : « واشعر قلبك الرحمة للرعية ، والمحبة لهم ، واللطف بهم روى الخطيب في تاريخه عن النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) : « عنوان صحيفة المؤمن حبّ علي بن أبي طالب ( عليه السّلام
و قال ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) : « من سرّه أن يحيا حياتي ، ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوال علياً بعدي ، وليوال وليّه ، وليقتد بالأئمّة من بعدي ، فانّهم عترتي خلقوا من طينتي رزقوا فهماً وعلماً روى أحمد في مسنده ومسلم في صحيحه قول النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) : « من أحبني فليحب عليّاً »
وأخرج أحمد في مسنده عن الرسول : « من أحبني وأحب هذين وأباهما وأُمُّهما ، كان معي في درجتي يوم القيامة
وثانياً : أنّ الإيصاء إنّما لا يفيد إذا لم يتوفر في الموصى له ملاك الحب والود كما إذا كان الرجل محطّاً للرذائل الأخلاقية ، وأمّا إذا كان الموصى له إنساناً مثالياً متحلياً بفضائل الأخلاق ومحاسنها ، فانّ الإيصاء به يعطف النظر إليه وبالتالي يجيش حبّه كلَّما تعمَّقت الصلة به.
وحاصل الكلام : أنّ دعوة الناس إلى الحبّ تقوم على إحدى دعامتين :
الأُولى : الإشادة بفضائل المحبوب وكمالاته التي توجد في نفس السامع حبّاً وولعاً إليه.
الثانية : الإيصاء بالحب والدعوة إلى الودّ ، فانّه يعطف نظر السامع إلى الموصى له ، فكلَّما توطَّدت الأواصر بينهما وانكشفت آفاق جديدة من شخصيته ازداد الحبّ والود له. وعلى كلّ تقدير فالنبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) هو المحبوب التام لعامة المسلمين ، فحبُّه لا ينفك عن حبّ من أوصى بحبِّه وأمر بودّه.
وخير ما نختم به هذا البحث حديث مروي عن النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) نقله صاحب الكشاف حيث قال ، قال رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) : « من مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له ، ألا ومن مات على حبّآل محمّد مات تائباً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمناً مستكمل الإيمان ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد بشرَّه ملك الموت بالجنة ثمّ منكر ونكير ، ألا ومن مات على حبّ آل محمد يُزفُّ إلى الجنة كما تزفُّ العروس إلى بيت زوجها ،