كتب: سامي مجدي - جاءت الانقسامات وتباين الرؤى بين قوى المعارضة المصرية لتجهض المحاولات المبذولة لتكوين جبهة قوية موحدة لمواجهة هيمنة الحزب الوطني على الساحة السياسية في الشارع المصري منذ أكثر من ربع قرن، وتوحيد الجهود من أجل الانتخابات البرلمانية أواخر هذا العام، ومن بعدها الانتخابات الرئاسية العام المقبل.
الجمعية الوطنية للتغيير التي يترأسها الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمرشح الافتراضي للرئاسة، كانت قد بدأت في استطلاع رأى القوى السياسية، بشأن مقاطعة انتخابات مجلس الشعب، في محاولة لم شمل قوى المعارضة والقوى الوطنية لإجبار الحزب الوطني على إحداث تغيير في بعض مواد الدستور والقبول بمطالبها السبعة المتمثلة في إنهاء حالة الطوارئ، وتمكين القضاء من الإشراف الكامل على العملية الانتخابية، ورقابة مدنية ومحلية ودولية على الانتخابات، وتوفير فرص متكافئة في وسائل الإعلام لجميع المرشحين في الانتخابات النيابية والرئاسية، تمكين المصريين بالخارج من التصويت، وكفالة حق الترشيح في الانتخابات الرئاسية دون قيود تعسفية طبقاَ للاتفاقيات الدولية الحافظة للحقوق السياسية والمدنية، مع قصر حق الترشيح للرئاسة على فترتين، وإتمام الانتخابات عن طريق الرقم القومي.
وجاء تمسك ائتلاف أحزاب المعارضة - الوفد والتجمع والناصري - بخوض انتخابات الشعب المقبلة والتلاسن الذي حدث بين حزبي الوفد والجبهة الديموقراطية وتجميد الوفد لعضويته في الائتلاف بعد اتهام الدكتور أسامة الغزالي حرب رئيس حزب الجبهة للوفد بالانتهازية السياسية، ليضع حد للدعوات والنداءات التي تطالب بالمقاطعة والتي تتبناها وتدعو إليها بشدة جمعية التغيير.
أحزاب المعارضة أكدت على أن قرارات المقاطعة هي قرارات داخلية تصدر بعد ترتيبات بين قيادات الحزب وبالتنسيق مع ائتلاف الأحزاب التي تجنح نحو المشاركة في الانتخابات مع ممارسة ضغوط للحصول على ضمانات من أجل نزاهتها.
وكان بدية الانشقاق من جانب حزب الوفد الذي أعلن عن حشد كل قوته لخوض انتخابات مجلس الشعب المقبلة لقناعته بعدم جدوى المقاطعة لأنها ستعمل على ترك المعترك السياسي خالي للحزب الوطني، وهو نفس القرار الذي اتخذه حزب التجمع بالمشاركة في انتخابات الشعب القادمة بثمانين مرشح وعشر سيدات، وأن أمانات الحزب المحافظات خلصت إلى الأسماء التي ستترشح تحت راية التجمع؛ وأكد الحزب الناصري أنه قرر خوض الانتخابات وأن الزيارات التي يقوم بها قيادات جمعية التغيير لن تغير من الأمر شيئاً.
وجاء إعلان حزب الوفد عن تجميد عضويته في ائتلاف أحزاب المعارضة بعد اتهام رئيس حزب الجبهة الديمقراطية الدكتور أسامة الغزالي حرب – أيد قرار المقاطعة لعدم توافر ضمانات النزاهة الانتخابية وغياب الإشراف القضائي الكامل – بالانتهازية السياسية ليضع المسمار الأخير في نعش المقاطعة التي انتقدها الوفد وقال أنها أثبتت فشلها في الشارع السياسي المصري وعدم تأثر النظام المصري منها، مشيراً إلى أن التغيير يتحقق من خلال العمل الدءوب بين الناس وإقناعهم بقيمة التغيير والإيمان بما نعتنقه من أفكار ومبادئ وقيم سوية وقدرة الأحزاب على اقتحام ميدان الحياة السياسية، وليس الانسحاب منها.
ونفس الأمر انطبق على جماعة الإخوان المسلمين التي زارها البرادعي واجتمع مع كوادرها لاستطلاع رأيها في مسألة مقاطعة انتخابات الشعب القادمة والتي اعتبرتها الجماعة خطوة ايجابية إذا ما التفت حولها كافة قوى المعارضة، وهو ما لم ولن يتحقق.
دعوة الجمعية الوطنية للتغيير لم ولن تؤتي بثمارها، ويبدوا أن قوى المعارضة في الشارع المصري لن تجتمع على شيء حتى وإن كان في صالح المواطن الذي مل من الأحزاب التي ولا يشعر بوجودها الفعلي وإن كانت موجودة اسمياً ، فمن انقسامات الأحزاب على نفسها إلى الانشقاقات داخل الحزب الواحد، سيظل الحزب الوطني هو المهيمن والمتحكم في اللعبة السياسية.